ألقى بها والدها بسبب أربعة أغنام
الطفلة (أم شوايل) عاشت 40 يوماً داخل بئر وسط العقارب والثعابين
الخرطوم: أمير الشعراني
إختارت الطفلة (أم شوايل) ذات الـ(13) ربيعاً بإلهام رباني البئر بديلاً عن الموت واللحاق بوالدتها المرحومة، أو كما قال لها والدها أحمد مختار عندما أضاعت أربعة أغنام من مراحه الكبير (تلحقي أمك.. وللا أرميك في البئر)..؟
سقطت أم شوايل في البئر قبيل غصن الشوك الذي لفها به والدها قبل إلقائها، فأصبح (زريبة) حِمتها الهوام والطيور والثعابين، وظلت على هذا الحال تحت حماية المولى لـ(40) يوماً داخل البئر العميق.
ترجع حكاية أم شوايل، التي تشابه في بعض تفاصيلها أسطورة فاطمة السمحة والغول، إلى أن الطفلة، وترجع جذورها إلى منطقة شرق الخرطوم، كانت تسرح مع والدها بالأغنام في جهة أم سنطة التابعة لمحافظة سودري، وأثناء رعيها الغنم سرقت منها أربعة أغنام، ما أغضب والدها غضباً شديداً، فخيرها بين الموت الفوري واللحاق بأمها المرحومة، أو أن يلقي بها في البئر حسب رواية جدها، فأختارت الطفلة البئر وكأنها كانت موقنة أن الله منقذها.
(حكايات) سجلت زيارة خاصة للطفلة بمنزلها شرقي الخرطوم، واستمعت إليها وهي تروي تفاصيل (40) يوماً داخل البئر، وحكاية الرجل الخفي ذي الثياب شديدة البياض، الذي كان يأتيها داخل البئر ويسقيها الحليب بالملح، طوال الأربعين يوماً، وقبيل إخراجها من البئر أخبرها الرجل المجهول إن مأساتها ستنتهي بخروجها من البئر في اليوم الأول للعيد..؟
وقصة الصوت الخفي الخارج من البئر الذي أخاف أهل القرية فظنوه شيطاناً يسكن البئر، وشجاعة الرجل الذي لا يهاب شياطين الآبار..؟!
تفاصيل القصة كاملة غداً
الحلقة الثانية
تحت الظلام وسط الثعابين بين الخطر
الطفلة (أم شوايل) تحكي قصة (40) يوماً داخل البئر!
أبوي مسك يدي كده ورماني.. والرجل دا بجيب لي لبن بملح كل يوم!
تحقيق: أمير الشعراني
في بيت من الطين، احتشد اهالي منطقة (الكرياب) شرقي الخرطوم في مساحة الحوش الكبيرة فملأوها نسوة ورجالاً وأطفالا، محتفلين بسلامة الطفلة (ام شوايل) التي كتب الله لها عمرا جديدا بعد ان قضت اربعين يوماً داخل بئر في ام سنطة بمحافظة سودري. الطفلة تبدو سعيدة وهي تجلس الى جدتها التي احتوتها مودة وحنانا، فيما يبدو اهالي القرية اكثر سعادة بسلامة الطفلة التي اصبحت معجزتها على كل لسان.
(1)
يروي جد الطفلة محمد زايد تفاصيل القصة لـ(حكايات) قائلاً: كانت (ام شوايل) ترعى بغنم والدها في جهة ام سنطة، فأضاعت اربعة منها فغضب عليها والدها وخيّرها بين ان تلحق امها المتوفية الى رحمة الله، في ايحاء بقتلها، وبين رميها في البئر، فاختارت الطفلة البئر.. هنا قاطعته (حكايات) سائلين عن مصدر روايته، قال الجد: هذا ما روته لي (ام شوايل) وأكده لي والدها بعضمة لسانه.
وأين والدها الآن؟
والدها مسجون الآن بسجن سودري بعد ان دون ضده بلاغ وتم القبض عليه.
(2)
رغم كثرة العيون المصوبة تجاه الطفلة (ام شوايل) إلا انها بدأت متماسكة في اجاباتها وهي ترد على اسئلة (حكايات):
* الرماك في البئر منو؟
ــ رماني ابوي
* رماك ليه؟
ــ عشان (ودرت) الغنم
* قال ليك شنو؟
ــ قال لي (الحقك امك وللا ارميك في البئر؟)
* انت قلت ليهو شنو؟
ــ قلت ليهو ارميني في البئر
* ليه؟
ــ ما عارفة؟
* رماك كيف؟
ــ مسك يدي وراء ودفرني بغصن شوك
* انت زعلانة منو؟
ــ لا
* ليه؟
ــ عشان هو ابوي.
* دايرة يعملوا ليهو شنو؟
ــ يفكوه..!
* في البير كان في شنو؟
ــ في ضلمه وطيور ابورقيع (الخفاش) ودبايب وعقارب
* كنت بتاكلي شنو؟
ــ مافي اكل.. في زول لابس جلابية بيضاء بجيب لي لبن بملح
* الراجل دا اتكلم معاك؟
ــ مرة واحدة
* قال ليك شنو؟
ــ قال لي ح يطلعوك من هنا
* طلعت كيف من البئر؟
ــ طلعني الراجل دا
والراجل دا هو عبدالخير سعيد، الذي يحكي لنا غداً كيف علم بوجود (ام شوايل) داخل البئر، وكيف وجدها داخل البئر، وما هي قصة الرجل الذي كان يسقيها اللبن بالملح؟ وكيف انتصر على الثعابين والطيور وخرج بالطفلة الى سطح الأرض؟.
(تابع التفاصيل غداً)
الحلقة الثالثة
منقذ الطفلة (أم شوايل) التي عاشت (40) يوماً داخل بئر يحكي:
عبدالخير سعيد: غصن شوك كان حافظاً لها من ثعبان كبير حاول منعي من إنقاذها
البير ملانة دبايب وطيور وعقارب.. وسر حياتها أمر رباني!
تحقيق: أمير الشعراني
اختارت الطفلة (ام شوايل) ذات الـ13 ربيعاً، بإلهام رباني البئر بديلاً عن الموت واللحاق بوالدتها المرحومة، عندما قال لها والدها لما اضاعت اربعة اغنام من مراحه الكبير:
ـــ (تلحقي امك وللا ارميك في البير؟)
سقطت (ام شوايل) في البئر قبيل غصن الشوك الملفوف بجانبها، فأصبح لها (زريبة) حمتها الهوام والطيور والثعابين، وظلت على هذا 40 يوماً، داخل البئر العميقة.
(حكايات) اجرت حواراً مع عبدالخير سعيد، الرجل الذي اخرجها من البئر، فكشف اسرار وخبايا وتفاصيل مثيرة عن وضع الطفلة داخل البئر.. فإلى تفاصيل افاداته.
* عبدالخير، كيف علمت بوجود الطفلة (ام شوايل) داخل البئر؟
ــ حدثنا صبي (جفت) اغنامه ناحية البئر، فحاول تغيير اتجاه سيرها باستعماله لفرقاعات صوته (فرطوق)، وما ان بدأ يفرقع بسوطه حتى سمع صوت صرخة من داخل البئر، فحضر وأخبرنا به.
* عملتو شنو؟
ــ اتحركنا نحو البير، سألناها، انت انسان وللا شيطان؟ قالت انا انسان.. انا (ام شوايل)..
* عرفتها؟
ــ لا.. انا ما عرفتها لكن لمن سألناها ابوك منو عرفناها.
* طلعتها كيف من البير؟
ــ جبنا عضلة (عود كبير) عارضناها على خشم البير، وقلت ليهم اربطوني بالحبال وأنا بنزل ليها، لو بقت (ام شوايل) وللا بقت شيطان..!
* شيطان؟
ــ في ناس سمعوا الصوت دا قبل كده، وقالوا ده شيطان.
* البير عمقها كم؟
ــ زي 17 راجل (الراجل حوالي 175 سم)
* نزلوك في البير؟
ــ في وسط المسافة لجوه البير، كان في طير (ابورقيع) كثير شديد لمن غمضت عيني.
* خفت..؟
ــ لا.. انا اتوكلت على الله وقلت لازم اصل الصوت دا..!
* لما وصلت جوه البير.. لقيت شنو؟
ــ كان البير مضلمة شديد.. ما شفت حاجة.. طلبت نزلوا لي بطارية.. اول ما ولعت البطارية ظهرت لي ثلاثة عيون.. العين الأولى لقيت فيها ثعبان كبير كان متقدم عليّ، ولعت فيهو البطارية رجع وإداني ضهرو.. فتشت كل العيون ما لقيت حاجة.. سألتها.. انت وين.. قالت لي انا هنا.
* لقيتها وين؟
ــ ما لقيتها، قربت اصدق انها شيطان.. لكن فجأة شفت مسيرتها (ضفيرة شعرها) واقعة في الموية.
* هي كانت وين؟
ــ كانت تحت الشوك..
* صحتها كانت كيف؟
ــ كانت عبارة عن هيكل.. (كملانة من لحم الدنيا).. حاولت اطلعها من تحت الغصن، ضفيرتها اتشربكت في الشوك، ما قدرت اخلصها طلعت السكين وقطعت الضفيرة.. ربطتها من كرعيها وطلعت بيها بره.
* الحصل شنو بعد طلعتوها بره؟
ــ لقيناها بلا هدوم.. لقينا ملابسها اكلتها الأرضة.. سقيناها لبن طلعتو بأنفها.. تاني سقيناها طلعتو بأنفها، لمن جوا جماعة قالوا لينا اسقوها سمن.
* وجدتوا في ملابسها شنو؟
-ملابسها كانت منتهية نهائي، ماكلاها الأرضة، لكن وجدنا في شعرها عقربين واحدة حية والثانية ميتة.
*كانت بتتكلم؟
ــ نعم بتتكلم بعد شربت اللبن بعد السمن سألناها الرماك هنا شنو؟ قالت رماني ابوي في عشان (ودرت) الغنم.
* وعملتوا شنو بعد كلمتكم؟
ــ علمنا ورقة في شرطة ام سنطة، العساكر بعد جوا ورسموا الحادث في البير.
** تابع غداً بالمستندات:
* مراحل علاج الطفلة (ام شوايل) من ام سنطة وسودري والأبيض وحتى مستشفى عبدالله الطيب بالخرطوم.
* حقيقة الرجل الذي كان يسقيها اللبن بالملح داخل البئر!!
* لماذا غيرت (ام شوايل) اسمها الى آمنة بنت وهب؟
الحلقة الأخيرة
الطفلة (أم شوايل): تغير اسمها إلى آمنة بنت وهب!
(حكايات) تكشف سر الرجل الذي سقاها الحليب المملح داخل البئر!
تحقيق: امير الشعراني
(1)
تواصل (حكايات) نشر تفاصيل مأساة الطفلة (ام شوايل) التي رماها والدها داخل بئر، عقاباً على اضاعتها اربعة من الأغنام، ولكن الله كتب لها ان تعيش 40 يوماً، حتى سخر لها عبدالخير سعيد، الرجل الذي قهر ظلام البئر والثعابين والعقارب، وخرج بـ(أم شوايل) هيكلاً بلحمه القليل وروحه الكبيرة.
في هذه الحلقة الأخيرة نتابع صمود الطفلة (ام شوايل) بعد خروجها من البئر في ارض رعوية قبالة منطقة ام سنطة محافظة سودري بكردفان وحتى وصولها الى مستشفى عبدالله الطيب بالخرطوم.
(2)
قالت الطفلة (ام شوايل) ان رجلاً يلبس جلباباً ابيض كان يسقيها اللبن بالملح داخل البئر.. فيما قال عبدالخير سعيد ان الطفلة عندما أخرجناها من البئر رفضت بطنها ان تستقبل الحليب بل اخرجته بأنفها فوراً..
إرادة الحياة القوية جعلتها تتخيل ان رجلا ذا جلباب أبيض كان يسقيها اللبن بالملح.. وربما يكون عبداً من عباد الله سخره لها لينقذ حياتها.. ولله في عباده شؤون.
(3)
بدأت الطفلة رحلة معاناة اخرى، بعد خروجها من البئر، فلم يكن الحصول على عربة لتقل الطفلة في تلك البادية امراً سهلاً. هكذا قال عبدالخير سعيد (طردنا جمال تجيب لينا مويه.. لمن وصلوا مورد الموية في ناس قالوا ليهم كنا بنسمع الصوت دا لكن تكلناهو على الشيطان). وقبل ان يصل الوفد حاملاً الماء، من مورده البعيد سخر الله لهم عربة تجوب الفيافى لم يعرفوا من اين اتت، فما عهدوا فى تلك المنطقة المقفرة عربات تحوم، فقاموا بحمل الطفلة الى الطبيب بمنطقة ام سنطة.
يحكي عبدالخير -الرجل الذى اخرج الطفلة من البئر وظل مرافقاً لها في كل مراحل علاجها:
ـــ (الطفلة ظلت لثمانية أيام راقدة في السرير بين الموت والحياة، راقدة على ضهرا بعد اليوم التاسع بدأت تقعد شوية شوية).
في اليوم العاشر لخروج الطفلة من البئر لحق بها جدها محمد زايد ونقلها على اسعاف مستشفى حمرة الشيخ الذي مكثت فيه 27 يوماً، بعد ذلك تم تحويلها الى مستشفى سودري الذي مكثت فيه 3 ايام ثم الى مستشفى الأبيض الذي قضت فيه يومين ليتم تحويلها الى مستشفى عبدالله الطيب بالخرطوم.
(4)
سألنا جدها عن حالتها الصحية الآن، فقال، حامداً الله، ان صحتها تحسنت الآن كثيراً وهي الآن بيننا في قرية (الكرياب) وقمنا بتغيير اسمها الى آمنة بنت وهب بعد ان كتب الله لها عمراً جديداً.
(5)
سجلت اسرة الطفلة (ام شوايل) سابقاً، آمنة بنت وهب حالياً، صوت شكر لكل الذين مدوا يد العون لطفلتهم بمناطق ام سنطة وسودري وحمرة الشيخ والأبيض ومستشفى عبدالله الطيب و(أهل الكرياب).. ولكل السودانيين الذين تفاعلوا مع قصة ابنتهم عبر (حكايات).